Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
ثقافة       فن      ابداع
11 mai 2009

« فلم كازانيكرا » أو الدعاية المجانية لقاموس المواخير

« فلم كازانيكرا »

 

أو الدعاية المجانية لقاموس المواخير

في حلقة متميزة لإحدى البرامج الثقافية التي تقدمها قناة otv الفضائية ثم استضافة الكاتب والروائي الكبير "جمال الغيطاني"؛ ومن بين النقط الأساسية التي أثيرت في هذه الدردشة قضية المنع أو المصادرة - أو المطالبة بها - التي تتعرض لها بعض الانتاجات الأدبية أو الفنية بشكل عام.. وببصيرة الكاتب وتجربته خلص إلى أن مصادرة أي عمل في هذا العصر المتطور تكنولوجيا و معلوماتيا هو أكبر دعاية له مما يحقق له شهرة كافية وبالتالي أكبر عملية متابعة أو مقروئية إلى درجة أن بعض الأشخاص استهوتهم اللعبة.. والكلام هنا للكاتب الذي يقول أنه يملك حقائق واثباتاب على البعض منهم والذين" يبلغون الجهات المعنية" عن أعمالهم ويقومون بنوع من الدعاية المجانية لها محاولين التضخيم من خطورتها حتى تصدر -أي تلك الجهات- قرارا بالمنع أو المطالبة به أو إثارة ضجة إعلامية كبيرة حولها والهدف طبعا هو كسب شهرة سريعة لأعمالهم تحت تأثير المقولة المشهورة "أن كل ممنوع مرغوب فيه" ولا يسعنا إلا أن نصدق هذا الكلام باعتبار أن كثير من الأعمال حصل معها نفس الشيء وسوف يحصل مادامت هناك أطراف بهذا  النمط التفكيري "طرف يمنع أو يطالب بالمنع أو بمعنى آخر يهاجم العمل لأنه خلخل لديه بعض الثوابت الاجتماعية و الفكرية و الدينية و الإيديولوجية..  وطرف يلهث ليطلع على العمل في أقصى سرعة.. و يبقى المستفيد الأول هو العمل أو صاحب العمل ولو كان لا يستحق كل ما ثار حوله من جعجعة التي تكون في الغالب من دون طحين.. وهكذا تكون لمثل هذه الضجات تأثير سلبي على القراء والمتتبعين أو لنقل هو نوع من التأثير النفسي التي يستبق الأحداث أو يكسر القاعدة المعروفة بفسح المجال لكل متتبع كي يتخذ قراره أو يخرج بنتيجته المستقلة التي يُقَيِّمُ بها العمل حسب ما رآه هو وخَلُصَ إليه بنظرته وبصيرته ومنهجه في استقلالية تامة عن تلك الضجات المفتعلة أو المتهورة أحيانا ..وهو الأمر الذي حصل تقريبا مع فلم كازانيكرا ليس إلى درجة المنع أو المطالبة به ولكنه قريب من افتعال ضجة تهدف إلى  فرض رأي مسبق على المشاهد الذي يدفعه إلى اتخاذ أحد القرارين :إما أن يرفض العمل كليا باعتباره طرح قضية اجتماعية بلغة "تستمد قاموسها من طابوهات المجتمع المغربي" بحيث لا يتقبلها المتتبع منذ  الوهلة الأولى لأنها لغة صادمة بطبيعتها .. أو يصطف مع الدين يرون فيها الواقع واللغة التي تستعمل في المعيش اليومي ولا حاجة لتلك النظرة الضيقة.. وهو ما نجد له تعليلا في كلام المخرج نفسه -الذي أضفى على عمله هالة كبيرة - وصرح في إحدى لقاءاته التلفزيونية أنه لم يستق لغته إلا من المجتمع البيضاوي الذي يعيشه شبابه بسلبياته وايجابياته .. وفي هذه النقطة بالذات هناك سؤال يكرر نفسه على المبدعين وعلى النقاد على إثر كل عمل فني : هل العمل الفني هو تصوير الواقع كما هو كائن أم  تصويره بالشكل الذي ينبغي أن يكون عليه ؟ وأظن أن الجانب الأخير من التساؤل هو الأقرب إلى النظرة الفنية الحقيقية وإلا لمَاَ كان هناك فرق بين الفن والواقع ... ولمَاَ كان هناك فرق بين فلم سينمائي وفلم وثائقي ..فهل المخرج بكلامه هذا  ينفي عن فلمه صفة السينمائية ويدخله في صفة الوثائقية .؟!أم ماذا بالضبط.؟!  و ما المقصود بأن يجعل المخرج  نور الدين الخماري كل ثقل الفلم على ما يسمى "بلغة الشارع" وإهماله للمقومات الفنية الأخرى من قصة محبوكة و معالجة لظاهرة مركزية واحدة.؟! بمعنى أن المخرج جاءنا بشيء معكوس فعوض أن تكون اللغة أداة للمعالجة والحوار والتواصل من أجل طرح قضية وفهم ملابساتها؛ قام بطرح العديد من القضايا من أجل إبراز فتوحات لغته "الطابوهاتية" -إن صح التعبير- وكان شديد الحرص على شنق المشاهد  بكل ما فيها من قاموس " زنقوي" من بداية الفلم إلى آخره  وكأنه قام بشيء خارق يعطي دفعة قوية لعجلة السنيما المغربية المتعثرة.. حتى أنه في ظل هذا البحث المحموم عن قاموس" زنقوي" راح يتنقل بطريقة عشوائية بين كل القضايا والمشاكل  التي تتخبط فيها مدينة الدار البيضاء  : البطالة -التيه في الشوارع- السرقة – كابوس الهجرة – العنف بشقيه ضد الأطفال والنساء – الاستغلال البشع للموظفين –هضم الحقوق –الشذوذ الجنسي – الفساد – ما يجري في الخمارات وعلب الليل" القمار "التيرسي ",,, ولإصراره أيضا على التطرق إلى كل مشاكل الدار البيضاء لم يكتف بتوضيحها بشكل مُصَوَّر فقد ضَمَّنَ المشاكل المتبقية في السيناريو وساقها على لسان أحد أبطاله "عادل" : "كتهنى من صداع الطموبيلات.. و كتهنى السكايريا إلي عاصرين فراس الدرب.. كتهنى من الساعايا الي كيطلبوا بولاد ماشي ولادهم .. كتهنى من أصحاب اللحايا إلي باغيين يدخلوك للجنة صحة .. كتهنى من دوك المكبوتين ديال السواعدا والكويتيين الي وسخوا هاد لبلاد .. كتهنى من راجل الواليدة... كتهنى من كازا نيكرا"... وهكذا حضر قاموس المواخير الذي نقب عليه المخرج في كل الأماكن والقضايا وغابت القضية المركزية الواحدة لينتهي الفلم بحركة دائرية تعيد البطلين إلى نقطة البداية مع تغير الحلم من السويد إلى النرويج واستمرار المطاردة البوليسية والكلام النابي يتطاير هنا وهناك ..

هذا كان هو رأيي في الفلم وهذه هي خلاصتي بعد مشاهدة الفلم.. هذه المشاهدة التي لا أخفيكم أني انسقت في البداية  وراء تلك الدعاية المجانية و أصررت على مشاهدته  لكني بعد المشاهدة حاولت  أن أكوّن رأيا معينا لا يرفض العمل كليا ولا يحتضنه كليا ولكن انتقدت لغته ووصفتها بلغة المواخير لأنها فعلا لغة مواخير و لم تُوَظَّف في الفلم إلا من كونها لغة أصر المخرج  أن يصدم بها المشاهد المغربي..فهل هذا هو الدور التهذيبي والتربوي والإصلاحي للفن بكل أنواعه بما فيه  السينما .؟! أم أن سينما مغرب الغد ستكون بهذا القاموس.؟!  وإذا كان هذا هو قدرنا في سينما  الغد فاللهم إنا  لا نسألك رده ولكن نسألك اللطف فيه..

 

Publicité
Commentaires
ثقافة فن ابداع
Publicité
Publicité